قَالَ تَعَالَى:{يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّه وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تعلمون } (الجمعة 9) ففي تفسير الطبري : ذكره للمؤمنين به من عباده: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله إذَا نُودِيَ للصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمْعَةِ وذلك هو النداء، ينادى بالدعاء إلى صلاة الجمعة عند قعود الإمام على المنبر للخطبة ومعنى الكلام: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ اللَّهِ يقول: فامضوا إلى ذكر الله، واعملوا له وأصل السعي في هذا الموضع العمل، وقد ذكرنا الشواهد على ذلك فيما مضى قبل. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن شُرَحْبيل بن مسلم الخَوْلانيّ، في قول الله: فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ اللَّهُ قال: فاسعوا في العمل، وليس السعي في المشي.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ للَصَّلاةِ مِنْ يَوْم الجُمُعَةِ فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ الله والسعي يا بن آدم أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المضي إليها.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عدّي، عن شعبة، قال: أخبرني مغيرة، عن إبراهيم أنه قيل لعمر رضي الله عنه: إن أُبيًّا يقرؤها: فاسْعَوْا قال: أما إنه أقرؤنا وأعلمنا بالمنسوخ وإنما هي «فامضوا».
حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري، قال: أخبرنا سفيان، عن الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، قال: ما سمعت عمر يقرؤها قطّ إلاّ فامضوا.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، قال: ثنا حنظلة، عن سالم بن عبد الله، قال: كان عمر رضي الله عنه يقرؤها: «فامْضُوا إلى ذِكْرِ اللَّهِ».
يوم اختص الله به هذه الأمة ، أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وفضَّله الله على سائر أيام الأسبوع وهو يوم الجمعة يقول ابن كثير فى تفسيره : إنما سميت الجمعة جمعة لأنها مشتقة من الجمع، فإن أهل الإسلام يجتمعون فيه في كل أسبوع مرة بالمعابد الكبار، وفيه كمل جميع الخلائق فإنه اليوم السادس من الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض، وفيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاح. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة عن قرتع الضبي، حدثنا سلمان قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلّم: (يا سلمان ما يوم الجمعة ؟) قلت: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (يوم الجمعة يوم جمع الله فيه أبواكم أو أبوكم ) وقد روي عن أبي هريرة من كلامه نحو هذا فالله أعلم.
والنِّدَاء الْأَوَّل الَّذِي زَادَهُ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَإِنَّمَا كَانَ هَذَا لِكَثْرَةِ النَّاس - كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ - فَأَمَرَ عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنْ يُنَادَى قَبْل خُرُوج الْإِمَام حَتَّى يَجْتَمِع النَّاس . وَإِنَّمَا يُؤْمَر بِحُضُورِ الْجُمُعَة الرِّجَال الْأَحْرَار دُون الْعَبِيد وَالنِّسَاء وَالصِّبْيَان وَيُعْذَر الْمُسَافِر وَالْمَرِيض . وَقَوْله تَعَالَى " وَذَرُوا الْبَيْع " أَيْ اِسْعَوْا إِلَى
ذِكْرِ اللَّه وَاتْرُكُوا الْبَيْع إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ وَلِهَذَا اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ عَلَى تَحْرِيم الْبَيْع بَعْد النِّدَاء الثَّانِي وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَصِحّ إِذَا تَعَاطَاهُ مُتَعَاطٍ أَمْ لا ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَظَاهِر الْآيَة عَدَم الصِّحَّة وَاَللَّه أَعْلَم. وَكَانَ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا يَقْرَآنِهَا :{ فَامْضُوا إِلَى ذِكْر اللَّه} . فَأَمَّا الْمَشْي السَّرِيع إِلَى الصَّلَاة فَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ لِمَا أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ . عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (( إِذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَة فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاة وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَة وَالْوَقَار وَلَا تُسْرِعُوا فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا)) لَفْظ الْبُخَارِيّ . وَيُسْتَحَبّ لِمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَة أَنْ يَغْتَسِل قَبْل المَجِيئِ إِلَيْهَا ؛ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((غُسْلُ يَوْم الْجُمُعَة وَاجِب عَلَى كُلّ مُحْتَلِم )) . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( حَقّ لِلَّهِ عَلَى كُلّ مُسْلِم أَنْ يَغْتَسِل فِي كُلّ سَبْعَة أَيَّام يَغْسِل رَأْسه وَجَسَده)) رَوَاهُ مُسْلِم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما على أحدكم - إن وجد سعة - أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة
غير ثوبي مهنته)). عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة {الم تنزيل} {وهل أتى على الإنسان}.عن أبي هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا كان لليهود يوم السبت والأحد
للنصارى فهم لنا تبع إلى يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون المقضي لهم قبل الخلائق)). عن أبي لبابة ابن عبد المنذر قال :قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر فيه خمس خلال خلق الله فيه آدم وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض وفيه توفى الله آدم وفيه ساعة لا يسأل الله فيها
العبد شيئا إلا أعطاه ما لم يسأل حراما وفيه تقوم الساعة ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض رياح ولا جبال ولا بحر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة)). عن أوس بن أوس قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي فقال رجل يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يعني بليت، فقال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أتى الجمعة فليغتسل)). (( إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة
يكتبون الناس على قدر منازلهم الأول فالأول فإذا خرج الإمام طووا
الصحف واستمعوا الخطبة فالمهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة ثم الذي
يليه كمهدي بقرة ثم الذي يليه كمهدي كبش حتى ذكر الدجاجة
والبيضة)) زاد سهل في حديثه (( فمن جاء بعد ذلك فإنما يجيء بحق
إلى الصلاة )).
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((الجمعة
إلى الجمعة كفارة ما بينهما ما لم تغش الكبائر )).
((الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر،والجمعة
إلى الجمعة ، وزيادة ثلاثة أيام)) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من اغتسل يوم الجمعة ولبس
من أحسن ثيابه ومس من طيب إن كان عنده ثم أتى الجمعة فلم يتخط
أعناق الناس ثم صلى ما كتب الله له ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى
يفرغ من صلاته كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها قال
ويقول أبو هريرة وزيادة ثلاثة أيام ويقول إن الحسنة بعشر أمثالها ))
( حسن ( .
عن أبي هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( إن في الجمعة ساعة لا يوافقها رجل مسلم قائم يصلي يسأل الله فيها
خيرا إلا أعطاه وقللها بيده )).
عن عبد الله بن سلام قال:قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم
جالس: ((إنا لنجد في كتاب الله في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد
مؤمن يصلي يسأل الله فيها شيئا إلا قضى له حاجته قال عبد الله فأشار
إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعض ساعة فقلت صدقت أو
بعض ساعة قلت أي ساعة هي قال هي آخر ساعات النهار قلت إنها
ليست ساعة صلاة قال بلى إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يحبسه
إلا الصلاة فهو في الصلاة ))( حسن صحيح ) .
عن أبي هريرة قال ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
صوم يوم الجمعة إلا بيوم قبله أو يوم بعده)) .
((إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيئتها ، ويبعث يوم الجمعة
زهراء منيرة ، أهلها يحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها ، تضيء
لهم ، يمشون في ضوئها ، ألوانهم كالثلج ، وريحهم تسطع كالمسك ،
يخوضون في جبال الكافور،إليهم الثقلان ، ما يطرقون تعجبا حتى
يدخلوا الجنة ، لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون)) .
عن جابر ابن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
قال ((يوم الجمعة ثنتا عشرة - يريد ساعة - لا يوجد مسلم يسأل الله
عز وجل شيئا إلا أتاه الله عز وجل فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر)).
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
(( قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون .
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( من
توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بين
الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصى فقد لغا )).
((التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس )).
قال النبي صلى الله عليه وسلم ((من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا
بها طبع على قلبه ))