السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المؤمنين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المرسلين وسيد الأولين والآخرين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الغر الميامين.
أما بعد:
فإن المسائل الإيمانية المتعلقة بالطاغوت من أهم مسائل الدين، لأنها الفيصل بين الإيمان والكفر، فالمؤمن بالله كافر بالطاغوت والمؤمن بالطاغوت كافر بالله، ولا يصح إيمان عبد مسلم وحَّدَ الله عز وجل حتى يكفر بالطاغوت، فكان الكفر بالطاغوت من أهم شروط تحقيق التوحيد وتجريده.
ولما كان التوحيد أصل الأصول في الإسلام وجوهر الإيمان وحقيقته كان تحقيقه من أوجب الواجبات وألزم اللوازم، وعليه مدار الإيمان والإسلام، فكان الواجب على المسلم أن يجتهد في تحقيقه وتجريده بعيداً عن شوائب الكفر والشرك، ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى الناس باجتناب الطاغوت فقال: {وَلَقَدْ بَعَثنَا ِفي كُلِّ أُمَّةٍ َرسُولاً أنْ اعْبُدُوا اللهَ واجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَنْ هَدَى اللهُ ومِنْهُم َمنْ حَقَّتْ عَلَيهِ الضَّلالةُ فَسِيرُوا في الأرضِ فَانْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ المكذِّبين} (النَّحل: 36).
وحيث أن الكلام في الطاغوت بهذه الأهمية فإن بيان حكم الشرع فيه وفي أعوانه وأنصاره من أهم مقاصد الدين، وحاجة الناس إلى فهم حكم الشرع فيما يتعلق بأعوان الطاغوت وأنصاره أشد من حاجتهم إلى الأمور الدنيوية؛ سيما وأن الخطر الذي يداهم الأمة الإسلامية - اليوم - في كل ميادين الحياة أكثره من الطاغوت وأنصاره وأعوانه.
والسكوت عن بيان حكم الشرع في الطاغوت وأنصاره وأعوانه في وقت تشتد فيه حاجة العباد إلى معرفة حكمه، إثمٌ، لذلك رأيت أن من الواجب بيان حكم الشرع في هذه المسألة الهامة، حتى لا يبقى المسلمون في جهل بأمور دينهم، ويتعلَّلوا بشبه واهية وأباطيل كاذبة.
وحيث أن في طيات الكلام عن الطاغوت إستدلال بكلام بعض أهل العلم المعاصرين ممن اضطربت أقوالهم في مسائل الإيمان والكفر، فإن نقلي عنهم لا يفهم منه أن قولهم في تلك المسألة هو المقطوع به عندهم، إذ قد يقف القاريء ببعض كلامهم في تلك المسألة بعينها يخالف ما قد قرروه من قبل، وحين أنقل عنهم فإنما أصنع ذلك لعلمي أن ما قرروه في تلك المسألة مما تم النقل عنهم أنه هو الحق والحق أحق أن يتبع، بغض النظر عن تناقضهم واختلاف أقوالهم في المسألة الواحدة، لاعتبارات لا تخفى على اللبيب والله يغفر لنا ولهم الزلات ويتجاوز عنا وعنهم الأخطاء والهفوات.
وحسبي فيما كتبته عن حكم الشرع في الطاغوت وأعوانه؛ قصدي ونيتي وأرجوا من الله أن أكون قد بذلت في الموضوع قصارى جهدي وأسميته "نثر اللؤلؤ والياقوت لبيان حكم الشرع في أعوان وأنصار الطاغوت".
والله أسأل أن ينفع به كل مسلم يقف عليه، ويبذل لي النصح فيه ويخصني بدعوة بظهر الغيب لي ولوالدي وهو حسبي ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وكتب؛ عبد الرحمن بن عبد الحميد الأمين [1]
بتاريخ 28 من ذي الحجة 1423 هـ
--------------------------------------------------------------------------------